حوارات نجيب محفوظ ما يجري في القدس الآن‏!‏

منذ عشر سنوات بالضبط وفي فبراير‏1997‏ كان نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت قد أمر بإقامة مستعمرات يهودية في القدس الشرقية حيث المسجد الأقصي وحائط البراق وباب المغاربة وسائر الآثار الإسلامية التي سجلت الأمم المتحدة أن عددها كان‏199‏ عند احتلال إسرائيل لها عام‏1967‏ بينما لم تزد الآثار اليهودية‏,‏ آنذاك علي‏15‏ أثرا‏.‏

ووسط الثورة العارمة التي اجتاحت الوطن العربي والعالم الإسلامي آنذاك ذهبت إلي الأستاذ نجيب محفوظ في مثل هذه الأيام فوجدته ثائرا مثل بقية العرب والمسلمين‏,‏ وقال لي بالحرف الواحد‏:‏

إن ما يحدث الآن بالقدس هو استهزاء بالعرب والمسلمين وبالعالم أجمع‏,‏ وهو يغلق الطريق تماما أمام محاولات التسوية التي يتحدثون عنها‏,‏ لأن ما تفعله إسرائيل الآن في القدس إنما يركل السلام بقدميه‏,‏ والتحدي هنا ليس موجها للعرب وحدهم وإنما للعالم أجمع‏,‏ فالعالم مازال يعتبر القدس الشرقية أرضا محتلة‏,‏ فهي أرض عربية لا جدال‏.‏

ولقد دعا الأستاذ في لقائي معه منذ عشر سنوات مضت إلي مؤتمر كبير للقدس‏,‏ وقال يومها‏:‏ لابد للعرب من وقفة حازمة يضعون فيها العالم أمام مسئولياته‏,‏ وإلا فإن القدس ستضيع خطوة خطوة‏,‏ مرة ببناء المستعمرات اليهودية ومرة بتغيير أسماء معالمها إلي أسماء يهودية ومرة بتحطيم المسجد الأقصي الذي هو الشاهد الأعظم علي الهوية العربية للقدس‏.‏

وأضاف يومها‏:‏ لقد كان من رأيي دائما أن القدس ليست قضية عربية فقط وإنما هي قضية إسلامية ومسيحية أيضا‏,‏ لذلك يجب ألا يبدو موضوع القدس وكأنه مجرد نزاع علي الأرض بين الفلسطينيين والإسرائيليين‏,‏ فهو قضية عالمية ينبغي إشراك العالم كله فيها‏,‏ فلا أحد في العالم يوافق علي مخطط تهويد القدس الذي يجري الآن عن طريق بناء تلك المستعمرات

وهدم كل ما هو عربي‏,‏ لذلك فإني أري أن يتم توسيع أي مؤتمر حول القدس كي لا يقتصر علي الأطراف العربية وحدها‏,‏ وإنما تدعي إليه أيضا الدول الإسلامية وممثلون عن دول العالم الأخري‏,‏ فيجب أن يشارك الفاتيكان علي سبيل المثال حتي يكون هناك موقف عالمي واضح إزاء هذا الموضوع بعيدا عن مجلس الأمن وعن الفيتو الأمريكي‏,‏ لأن الولايات المتحدة لن تدين إسرائيل حتي لو هدمت المسجد الأقصي بأكمله‏.‏

هذا ما قاله أديبنا الأكبر نجيب محفوظ في فبراير‏1996,‏ وكنت أتصور أنه بعد مرور عشر سنوات بالتمام والكمال لن يكون لمثل هذا الكلام أي علاقة بالواقع القائم‏,‏ وكم كانت ستكون سعادتي وسعادة نجيب محفوظ نفسه غامرة لو أن هذا الكلام بدا غير صالح الآن للنشر‏,‏ لكن للأسف أنه ليس فقط صالحا للنشر‏,‏ بل قد يكون من أفضل ما قيل عن أعمال الحفر التي بدأتها إسرائيل في نفس شهر فبراير الحالي حول المسجد الأقصي‏,‏

كما يجيء إقتراحه بعقد مؤتمر دولي حول القدس أفضل الإقتراحات المطروحة حتي الآن‏,‏ فهل من مستمع وهل من مجيب ؟