Admin Admin
عدد الرسائل : 832 تاريخ التسجيل : 18/02/2007
| موضوع: الأحزاب والتعديلات الدستورية حتي لا تتكرر مشاهد الانتخابات ا الثلاثاء فبراير 27, 2007 2:12 am | |
| الأحزاب والتعديلات الدستورية حتي لا تتكرر مشاهد الانتخابات الرئاسية السابقة بقلم: د.عمرو الشوبكيعرفت مصر في سبتمبر2005 أول انتخابات رئاسية تنافسية منذ قيام ثورة يوليو, واعتبرها كثير من المراقبين خطوة في اتجاه عملية الإصلاح السياسي المنشود, سمح فيها لقادة10 أحزاب سياسية بالترشح في أول انتخابات رئاسية تعددية, دون الالتزام بالقيود التي فرضتها المادة76 علي مرشحي الأحزاب والمستقلين علي السواء.
وبين هؤلاء المرشحين العشرة, يمكن اعتبار ثلاثة منهم فقط مرشحين' جادين' وشاهدنا7 آخرين أضفوا' البهجة' علي نفوس المصريين بالآراء المسلية التي طرحوها, علي اعتبار أن' شر البلية ما يضحك', وغيبوا الأفكار الجادة والحوار السياسي عن مسار الحملة, بصورة أصابت الكثيرين بالألم لحجم التدهور الذي أصاب النخبة الحزبية في البلاد.
وقد أعلن مرشح لمنصب الرئاسة, إنه ينوي إعطاء صوته للرئيس مبارك, ودعا إلي ارتداء الطربوش باعتباره زيا وطنيا مفقودا, وابدي آخر اختلافه الشديد مع الرئيس لأنه يلعب رياضة واحدة, في حين إنه يلعب عدة رياضيات معتبرا ذلك سببا لتفوقه علي رئيس الجمهورية, وهناك آخر طالب بتوزيع' سنارة' علي كل مواطن لصيد السمك كوسيلة فعالة لمحاربة البطالة, وأخيرا طالب مرشح رابع باحتلال السودان وتكرار تجربة صدام في الكويت علي حدود مصر الجنوبية برعونة يحسد عليها.
والسؤال الذي يطرح مع التعديلات الدستورية المقترحة, ومع التعديل الثاني للمادة76, هو هل يفترض أن نعيد نفس المشهد الذي شاهدناه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة مرة أخري في الانتخابات الرئاسية القادمة؟, وهل يعقل أن يستمر امتلاء ساحة الشرعية القانونية بـ23 حزبا منها18 حزبا ليس لها أي وجود, ولم يكن لقادتهم أي دور في الحياة العامة, ولم يسمع عنهم أحد, وفشلوا في الاستفادة من تلك الرخصة القانونية التي أعطيت لهم في بناء قواعد شعبية, وفي نسج خطاب سياسي قادر ليس فقط أن يؤثر في الناس إنما حتي أن يسمعوا عنه.
بالتأكيد ليس المطلوب تكرار المشهد الاستثنائي الذي عرفته البلاد في الانتخابات الرئاسية الأخيرة, ولا في تقديم استثناء جديد يساعد قراء الكف والمتاجرين بتأشيرات الحج أن يكونوا هم المرشحين لانتخابات الرئاسة, إنما في تعديل قانون الأحزاب وفي ايجاد بيئة سياسية جديدة تعمل علي تفعيل دور الأحزاب الرئيسية, ومواجهة أحزاب' القرار الإداري' التي سميت مجازا بالأحزاب الصغيرة, بوضع بعض الضوابط القانونية علي شروط استمرارها.
فبدلا من تفعيل الحياة الحزبية وتنشيطها بحيث تصبح الأحزاب القانونية معبرة أولا عن القوي الحقيقية الموجودة في الشارع, وبالتالي تكون قادرة علي تقديم أفضل مرشحين للتنافس علي موقع رئيس الجمهورية, يستسهل البعض التعامل مع هذه المسألة, ويلغي ببساطة دور الأحزاب, ويطالب بأن يحصل كل مرشح لانتخابات الرئاسة علي توقيع عدد من المواطنين, وهو أمر غير موجود في النظم الرئاسية الديمقراطية, فالدستور الفرنسي ينص علي ضرورة أن يحصل أي مرشح للرئاسة علي توقيع500 عضو من المجالس المنتخبة, أي البرلمان ومجلس الشيوخ والمحليات, والتي يقدر عددها بـ45 ألف عضو, وهي المجالس المنتخبة بشكل حر وديمقراطي, ولم ينص علي ضرورة الحصول علي توقيع500 مواطن, إنما نص علي أن يكون هذا الرقم من بين أعضاء المجالس المنتخبة.
وقد طالب البعض في مصر بضرورة الحصول علي توقيع10 آلاف مواطن كشرط للترشح في انتخابات الرئاسة, وذلك في مقابل القيد التعجيزي الذي وضعته الدولة ونص علي ضرورة أن يحصل المرشح المستقل علي توقيع من250 عضوا منتخبا من المجالس المحلية( التي تعرف تجاوزات كبيرة), ومجلسي الشعب والشوري, علي أن يكون بينهم65 نائبا برلمانيا, وذلك من أصل3850 عضوا منتخبا في المجالس الثلاثة( المحليات ومجلسي الشعب والشوري), أي بما يساوي تقريبا5 أضعاف شروط الترشح الفرنسية.
والحقيقة أن كلا الاقتراحين لا يساهمان في تطوير عملية الإصلاح الديمقراطي, فالأول الذي أكدته بعض تيارات المعارضة من شأنه في حال تبنيه أن ينهي أي دور للأحزاب السياسية, ويدمر الطبقة السياسية, ويفتح الباب أمام كل' جامع مال' يستطيع أن يشتري الـ10 آلاف توقيع كما اشتري من قبل عضوية البرلمان, لكي يكون مرشحا للرئاسة علي حساب مرشحي الأحزاب الغائبة, ويفرض هو ورفاقه العابثون شكل المعركة الانتخابية وأعداد المتنافسين, ويساهم في تحويل صراع الأفكار والرؤي والبرامج والقدرات الشخصية إلي أموال تدفع وهدايا توزع وكلام أبله وسطحي يردد.
إن المطلوب أن تكون هناك أحزاب فاعله وحقيقية, وأن تكون هي مصدر الخبرة والشرعية والتكوين السياسي لأي مرشح لمنصب رئيس الجمهورية, وقد يكون هذا المرشح رجل أعمال, كنموذج بيرلوسكوني في إيطاليا الذي وصل إلي الحكم عبر حزب سياسي, أو نقابي كرئيس جمهورية البرازيل العامل' لوله' أو' دكتور' في العلوم السياسية كالمستشار الألماني السابق هلموت كول, ولكنهم جميعهم كانوا سياسيين امتلكوا الموقف والخبرة والتكوين السياسي من خلال أحزاب.
أما القيد التعجيزي الحالي الذي وضعته الدولة علي ترشيح المستقلين, فهو وضع أساسي لمنع مرشحي الإخوان المسلمين من الترشح, ولكنه بذلك قضي علي أي فرص حقيقية للقطاع الأكبر من النخبة المصرية الموجود خارج الإخوان وخارج الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة, أن يشارك في انتخابات الرئاسة, فغاب كل رؤساء النقابات ورموز النخبة المصرية السياسية والمهنية عن هذه الانتخابات نتيجة القيد التعجيزي علي عملية الترشح, وانسحب هؤلاء الرموز أيضا من الأحزاب نتيجة الأزمات التي تعرفها وغياب تأثيرها, وبالتالي لم يعد هناك إلا تلك النخبة الحزبية العاجزة والمحدودة, للتنافس علي هذا المنصب الرفيع.
وطالما اختار النظام الأحزاب والتيارات التي لها حق الوجود الشرعي, واستبعد من يراه يمثل خطرا سياسيا وأمنيا علي النظام, فلابد أن يفعل دور هذه القوي الحزبية التي اختارها بمحض إرادته لتحصل علي الشرعية القانونية( ولم يفرضها علية أحد) لتصبح فعاله ونشيطة في الحياة العامة وفي أي انتخابات رئاسية أو برلمانية.
والمؤكد أن المطروح هو تغيير قانون الأحزاب, لا السماح لأي حزب بالتقدم إلي الانتخابات الرئاسية, وعدم التعامل بحياد تجاه تكرار المشهد المؤسف الذي شهدنها في انتخابات الرئاسة السابقة, بإعطاء استثناء ثاني جديد للأحزاب لكي تترشح دون أي قواعد في انتخابات الرئاسة القادمة. فالمطلوب أولا السماح الفوري للأحزاب التي لديها1000 توقيع كما ينص القانون الحالي في أن تحصل علي ترخيص قانوني والمقصود منها أحزاب جادة كالكرامة والوسط والجبهة الديمقراطية والتي يمتلك بعضها( كالأول) نوابا في البرلمان.
وتبدو مفارقة شديدة أن يرفض مؤخرا الترخيص لحزبين من هذه الأحزاب, وتعطي الرخصة قبلها بقليل لأحد الأحزاب الذي صرح زعيمه بإنه' يتميز عن الأحزاب الأخري في إنهم يتكلمون في السياسة' وكأن المطلوب أن تتحدث الأحزاب السياسية في فنون الطبخ وليس السياسة.
ويتواكب مع ذلك إلغاء الشروط التعجيزية التي وضعت علي شروط تقدم مرشحي الأحزاب في الانتخابات, ومنها شرط الحصول علي5% من نواب البرلمان, وهنا يكتفي بالقول إن الحزب الذي لدية فقط تمثيل في البرلمان, أو حصل علي1% من أصوات الناخبين في أي انتخابات رئاسية أو تشريعية من حقه أن يتقدم بمرشحين لانتخابات الرئاسة, أما من لم يحصل علي هذه النسب فمن العبث السماح له بالتقدم للترشيح في انتخابات الرئاسة.
ومن المهم تأكيد ضرورة إلغاء النص الذي يقول إنه لا بد أن يمر علي نشأة الحزب5 سنوات حتي يمكنه التقدم بمرشح في انتخابات الرئاسة, وهو نص يصلح لإدارة مصلحة حكومية فاشلة, لا حياة سياسية وحزبية قائمة علي المبادرة والابتكار. فطالما وافقت لجنة الأحزاب أو المحكمة علي حصول حزب ما علي رخصة قانونية فما هو المبرر الذي يدفعه إلي البقاء5 سنوات حتي يتثني له الترشيح في انتخابات الرئاسة.
إن الإصلاح التدريجي الذي تحتاجه البلاد, سيبدأ حين تعي الحكومة أن هناك أزمة شرعية لدي القوي والأحزاب التي تتنافس علي انتخابات الرئاسة, وأن من المهم العمل علي إعطاء معني ما لأي انتخابات رئاسية قادمة عن طريق فتح الباب أمام أحزاب سياسية قادرة أن تتنافس ولو من بعيد علي هذا المنصب الرفيع, لأن هذا الموقع سيظل في الوقت الحالي علي الأقل محسوما لصالح الدولة والحزب المتداخل معها, وأن المطلوب وجود منافسين جادين علي منصب الرئاسة من أجل إعطاء مصداقية لشكل الانتخابات وجديتها, حتي لو قررت الدولة الاستمرار في موقفها من استبعاد قوي بعينها من ساحة الشرعية, فأن المطلوب أن تمتلئ هذه الساحة بقوي حزبية لديها حد أدني من التواجد الشعبي والاحترام.
| |
|