اليوم العالمي للمياه والدروس المستفادة

مواجهة ندرة المياه هو الشعار الذي اختارته الأمم المتحدة ومنظماتها المائية والزراعية ليكون عنوان احتفالات العالم باليوم العالمي للمياه والذي يوافق يوم‏22‏ مارس من كل عام‏.‏ فمنذ بداية الاحتفالات بهذا اليوم عام‏1994‏ تهتم الأمم المتحدة لأهمية المياه لحياة الانسان لأن الماء هو الحياة والذي بدأ بشعار المحافظة علي الموارد المائية شأن كل مواطن‏,‏ وتكرر استخدام عناوين براقة لكل عام مثل المياه والثقافة‏2005,‏ المياه والتنمية‏2002‏ ـ المياه والمستقبل والقرن‏21‏ عام‏2000.‏

ويعد اختيار عنوان هذا العام مواجهة القحط المائي تقديرا من منظمات الأمم المتحدة بأن العالم سيواجه ندرة وقحطا في موارد المياه العذبة في ظل تقدم المدنية والتوسع الصناعي والزيادة السكانية المتوقعة والتي تصل بعدد سكان العالم إلي‏9‏ مليارات نسمة عام‏2050,‏ مقارنة بأقل من‏7‏ مليارات حاليا‏.‏ فندرة المياه‏WaterScarcity‏ هو اختلال التوازن بين ما هو متاح وما هو مطلوب وذلك بسبب تدهور نوعية المياه العذبة للأنهار والمياه الجوفية وتلوثها‏,‏ ثم تزايد المنافسة بين القطاعات المستهلكة للمياه‏(‏ زراعة ـ صناعة ـ منزلي ومحليات‏)‏ وكذا بسبب التقدم الحضاري‏,‏ وتزايد حدوث نوبات الجفاف ونقص الأمطار علي منابع الأنهار وأراضي البلدان التي تعتمد علي الأمطار كمورد مائي هام حتي أن نوبات تكرار الجفاف تضاعفت أربعة أضعاف حاليا مقارنة بعدد مرات حدوثها قبل عام‏1975,‏ ثم أخيرا بسبب الصراعات والحروب للسيطرة علي موارد المياه العذبة‏.‏

وبهذه المناسبة فهناك العديد من الحقائق التي يجب أن نعيها جيدا والتي ستحدد التحديات المستقبلية التي تواجها مصر والتي يجب الإعداد لها من الآن‏:‏ ـ
‏1‏ ـ أن دولة مثل كندا تمتلك وحدها‏20%‏ من المياه العذبة في العالم في حين تمتلك‏20‏ دولة مجتمعة في الشرق الأوسط‏1%‏ فقط من مياه العالم‏.‏

‏2‏ ـ أن نصيب الفرد من المياه في مصر الآن يبلغ نحو‏850‏ مترا مكعبا في السنة فقط مقارنة بـ‏35‏ ألف م‏3‏ للفرد في أمريكا الجنوبية و‏16‏ ألف م‏3‏ في أمريكا الشمالية‏,‏ ومن المتوقع والمحسوب أن ينخفض نصيب الفرد من المياه في مصر إلي‏600‏ م‏3/‏ سنة عام‏2025‏ ثم إلي‏400‏ م‏3/‏ سنة عام‏2050‏ إذا استمرت معدلات الزيادة السكانية بمعدلها الحالي‏.‏

‏3‏ ـ أن معدل استخدام المياه يتزايد بمعدل ضعف معدل الزيادة السكانية‏.‏

‏4‏ ـ أن شعار كل نقطة مياه تفرق‏everydropcounts‏ أو أن كل نقطة مياه محسوبة عليك ويجب أن توليها كل اهتمامك‏,‏ هو الشعار المناسب للمرحلة القادمة‏.‏

‏5‏ ـ أن القطاع الزراعي هو المستهلك الأكبر للمياه في مصر والعالم ويقدر بنحو‏88%‏ من مواردنا المائية في مصر ويصل إلي‏95%‏ في بعض الدول النامية‏,‏ وأنه برغم هذا الاستهلاك الضخم لا يساهم في الدخل القومي المصري إلا بنسب ضعيفة تتراوح بين‏5‏ و‏20%‏ فقط‏.‏

وعلي ذلك فهناك تحديات مستقبلية تواجهنا ويجب أن نعد لها من الآن وهي‏:‏ ـ

‏1‏ ـ التنامي الكبير في الاستخدامات المنزلية للمياه العذبة‏.‏

‏2‏ ـ الإهدار الكبير في المياه العذبة خاصة علي مستوي المنازل والمحليات‏(‏ مدارس ـ حدائق ـ مستشفيات ـ مصانع ـ دورات مياه عامة‏...‏ الخ‏)‏ ثم علي مستوي القطاع الزراعي‏.‏

‏3‏ ـ ارتفاع تكاليف تنمية الموارد المائية وتكاليف معالجة تلوث المياه العذبة‏,‏ وما يمكن أن يسببه تلوث الموارد المائية من تهديد لنظام التوازن البيئي‏.‏

‏4‏ ـ أننا مطالبون في مصر خلال العقد الحالي بزيادة إنتاجنا من الحاصلات الغذائية الزراعية وباستخدام كميات أقل من المياه‏,‏ وهي معادلة صعبة يجب أن يستعد لها جيدا علماء الزراعة تحت شعار إنتاج أكبر بمياه أقل وعليهم التوفيق بين هذا الثنائي المتضاد أكبر من أقل‏.‏

‏5‏ـ العمل علي إنتاج حاصلات زرعية صحية باستخدام نوعيات أقل جودة من المياه‏(‏ معالجة مياه الصرف الصحي والصناعي‏,‏ وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية مرتفعة الملوحة‏,‏ ومياه البحيرات نصف المالحة أو الراكدة‏)‏ تطبيقا لشعار الاستفادة من كل نقطة مياه‏.‏

‏6‏ ـ أن العالم فقد خلال العقد الماضي ما يزيد علي‏50‏ مليون فدان من أخصب الأراضي الزراعية نتيجة للتوسع في بناء المصانع والمنازل علي الأراضي الزراعية‏,‏ ويجب علينا في مصر الحرص التام من فقدان أراضينا الخصبة بالبناء عليها في ظل محدودية هذه الأراضي التي لا تتجاوز‏5.5‏ مليون فدان‏(‏ أراض سمراء‏)‏ مسئولة عن تغذية‏75‏ مليون نسمة حاليا وعن‏120‏ مليون نسمة تعدادنا المتوقع عام‏2050,‏ وأن الزمام الصحراوي بكل محافظة يمكن أن يفي بجميع احتياجاتنا من التوسع الصناعي والسكني دون التفريط في حفنة واحدة من التربة الزراعية الخصبة مطبقين نفس شعار المياه بأن كل حفنة تربة خصبة تفرق ويجب الحفاظ عليها واستغلالها جيدا‏.‏

هذه هي بعض النقاط المهمة التي يجب أن نبدأ بالتخطيط لها من الآن للحفاظ علي كل نقطة من مواردنا المائية العذبة وكل حفنة من أراضينا الخصبة وتعظيم الاستفادة منهما للحفاظ علي تواجدنا ومستقبلنا‏